الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِم} نزلت في قوم من المنافقين تولوا قومًا من اليهود، وهم الذين غضب الله عليهم {مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ} يعني أن المنافقين ليسوا من المسلمين، ولا من اليهود فهو كقوله فيهم: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء} [النساء: 143] {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ} يعني أن المنافقين كانوا إذا عوتبوا على سوء أقوالهم وأفعالهم حلفوا أنهم ما قالوا، ولا فعلوا وقد صدر ذلك منهم مرارًا كثيرة وهي مذكورة في السير وغيرها.{اتخذوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} أصل الجنة ما يستتر به ويتقى به المحذور كالترس، ثم استعمل هنا استعارة لأنهم كانوا يظهرون الإسلام لتعصم دماءهم وأموالهم، وقرئ {اتخذوا} بكسر الهمزة.{استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان} أي غلب عليهم وتملك نفوسهم {فِي الأذلين} أي في جملة الأذلين. أي معهم {كَتَبَ الله} أي قضى وقدر.{لاَّ تَجِدُ قَوْمًا} الآية: معناها لا تجد مؤمنًا يحب كافرًا ولو كان أقرب الناس إليه، وهذه حال المؤمن الصادق الإيمان، ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يقاتلون آباءهم وأبناءهم وإخوانهم إذا كانوا كفارًا، فقد قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه يوم أحد، وقتل مصعب بن عمير أخاه عزيزًا بن عمير يوم أحد، ودعا أبو بكر الصديق ابنه يوم بدر للبراز فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقعد، وقيل: إن الآية نزلت في حاطب حين كتب إلى المشركين يخبرهم بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأحسن أنها على العموم، وقيل: نزلت فيمن يصحب السلطان وذلك بعيد {يُوَادُّونَ} هذه مفاعلة من المودّة فتقضي أن المودّة من الجهتين {مَنْ حَادَّ الله} أي عاداه وخالفه {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان} أي أثبته فيها كأنه مكتوب {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} أي بلطف وهدى وتوفيق وقيل بالقرآن، وقيل بجبريل {أولئك حِزْبُ الله} هذه في مقابلة قوله: {أولئك حزب الشيطان}، والحزب هم الجماعة المتحزبون لمن أضيفوا إليه. اهـ.
|